هل لا تزال الشهادة الجامعية مهمة؟
كأي سؤالٍ عابر، ربما يكون هذا السؤال..
وإلا فما هي الاهمية لهكذا سؤال، اوليست اهمية الاشياء تتحتم بناءًا على معايير نسبية تختلف من شخص لآخر؟
فمثلًا بالنسبة لي، مُنذ أن كُنت طفلًا وانا احلم بأن اتمكن من دخول ما يسمى "بالجامعة"، ربما كان ذلك لأسباب عدة اهمها هو جهلي التام بما يدور داخل اسوارها، لذلك توّلد في داخلي الشعور بأهمية الشهادة، ليس لكينونتها هيَ، بل لأنها ما تدور الجامعة والحياة الجامعية حوله -كما اعتقدت بادئ الامر- ، وربمّا لشخص آخر يعرف تفاصيل الجامعة نقلًا عن افراد اسرته، او اقربائه، تتقلص اهمية الشهادة نظرًا لكونها شيئًا غير مبهم لعقله البشري.
ولكن ماذا عن الشهادة كجسم فيزيائي نستطيع لمسه، شمه، او حتى اعادة تشكيله؟ ماهي اهميتها بالفعل بعيدًا عن عالم النسبية؟ الشهادة هي ما يثبت لشخص ما قدرته على فعل نشاط معين، او امتلاك مهارة محددة، وليست هي الاداة الوحيدة بالمناسبة لأثبات اي من ذا او ذاك، إلا أن الشهادة هي من اكثر ادوات الاثبات انتشارًا، واسرعها مفعولًا، مما يعني أن امتلاكك لمهارة، او حرفة معينة ليس محصورًا فقط بكونك تملك شهادة او لا، إنما هي احد الوسائل التي تستطيع اثبات امتلاكك لتلك المهارات بسرعة كبيرة. ماذا يعني ذلك؟ وهل هي مهمة ام لا؟ -اعتقد-، بأن اهمية الشهادة لا تكمن في الشهادة ذاتها، وإنما فيما سبقها من احداث، مما جعلك بالفعل مستحق لها، لذلك اعتقد بأن الناس، او بالاصح الطلاب في المجمل ينقسمون لقسمين:
الاول هو ذاك الذي يعتقد بأن قيمة الشهادة تتمحور حول ما ستفتحه له من ابواب وظيفية، وربما للبعض الاخر من النوع ذاته تكون الشهادة مجرد جواز لدخول اسمه دائرة القبول الاجتماعي، إذًا اهميتها للقسم الاول من الطلاب هو مربوط بمستقبل الشهادة، إنما كيفية الحصول عليها، ومدى تأثيرها عليه ككائنٍ بشري، قضايا ليست بالضرورة تعنيه في القمام الاول.
إنتقالًا للنوع الثاني، وهم الذين يؤمنون بأهمية الشهادة لما قد تبنيه الشهادة او تهدمه في دواخلهم، ما قد تظيفه لقيمهم، او تنفيه، هم الذين يستعشرون اهمية صغائر المعلومات، وما قد تصنعه من فرق لحظات معينة في تاريخ البشرية، هم الذين يشعرون بأن اهمية الشهادة بلا اي اضافة لذواتنا تكاد تكون معدومة، والا ما هي الفائدة لشهادة تشهد للاشيء؟ اوليست الشهادة زورًا حرام؟
في كلا الحالتين تبدو الشهادة ذا اهمية حتى مع اختلاف اشكالها، الا انه في الوقت ذاته رغبتك الصارخة في التعلم لا يُقترن ابدأ بالحصول على شهادة. فإن اغلب ما يتعلمه المرء في حياته يكون بلا اي شهادة!
فأهميتها لا تحتم علينا مقدرتنا على التعلم، او لا، فرغبتنا في التعلم، وتعلمنا المستمر من اي شيء، اي شيء كان.. هو ما يفوق اثبات الشهادات، فكم من حامل للشهادات لا يفقه من الامر الكثير، وكم من (متعلمٍ) لا يملك شهادةً واحدة يتفنن فيما لا يعرف اساسياته سوى حامليّ الشهادات. فالتعلم لم يكن يومًا محصورًا على شهادة، او جامعة، او مدرسة. فهذا هو فضاء الانترنت يحملنا على متنه موفرًا الكثير، الكثير من الفرص للتعلم من الالف إلى الياء في اي مجال كان وبالمجان ايضًا.
تعليقات
إرسال تعليق