المجتمع والملتزم دينيًا ، نظرة مشوشة !




الملتزم دينيًا ، او بالعامية " المطّوع " عُرفَ بين غالبية شرائح المجتمع العربي من المسلمين وخصوصًا الخليجي، على انه شخص يلتزم بالقرآن الكريم والسنة النبوية ويتبع كل ما امرتَ بهِ ويجتنب ما نهتْ عنه شكلًا و مضمونًا قدر المستطاع ، في الغالب هؤلاء الاشخاص هم الذين يقدّمون لنا النصيحة ويمدون لنا اواصل القرب من الله سبحانه وتعالى ، وفي الغالب ايضًا هم الجانب الايجابي في اكثر الامور ، ولكن الملتزم كباقي البشر يُخطئ و يُصيب ، ربما كانت هذه النظرة المتعارف عليها قديمًا ولكنيِ اخشى القول بأن هذه النظرة بدأت بالتشوش في الوقت الحالي إن لم يكن التشوه نفسه !
وكأن صورة الملتزم يحول بينها وبين نظرة المجتمع عاصفة رملية تجعل الصورة غير واضحة ومشوشه نوعًا ما ؛ بسبب الاتربة والغبار وفي بعض الحالات تنعدم رؤية الصورة ، ولا يستطيع الرؤية جيدًا لهذه الصورة إلا اصحاب النظرة الفائقة والفريدة بالعلم الحقيقي والوعي لما يحدث جراء هذه العاصفة واسبابها !
 فمع مرور الزمن و تغير الناس وتطور العالم ربما للأسوء ، نتجت ظاهرة الانقسام في المجتمع فأصبح الملتزم بدينه يُميز بقالب خاص في شكله ولبسه وحتى شخصيته قيدوها في هذا القالب.. بحكم اني لا املك من العلم شيئًا في الامور الدينة ولكني اعرف شيئًا الجميع يعرفه والبعض يتجاهله ، نحن خُلقنا لأجل هدف مهم وهو عبادة الخالق جلا وعلا ، والدليل قوله تعالى : " ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) " – الذريات (56) – وذلك يعني بأنّا خُلقنا لأجل هدف عظيم وهو عبادة الله سبحانه وتعالى ، فإن وجدنا شخصًا يلتزم بتعاليم الكتاب الذي أُنزل من الله سبحانه وتعالى وتعاليم الرسول المرسل من قِبله - صلى الله عليه وسلم – فهذه ليست ظاهرة بل هي الفطرة !
لأن الموضوع موطل جدًا ، سأختصر بعض نظرات المجتمع للملتزم دينيًا من وجهة نظري في نقاط بسيطة :

-         انت "ملتزم" اين لحيتك؟
هناك نظرة في مجتمعنا توجب على الملتزم إطلاق لحيته ، فإن كان الملتزم بلا لحية فالبعض يراه غير ملتزم ! أي ان اللحية في نظر البعض شرط واجب من واجبات الالتزام ! فالقصة باختصار كما اراها في الواقع ، ان الحكم يكون على الشكل الخراجي فقط ، وليس على المضمون وهو اهم ما في الامر ، هذا يعني بأنه يمكن للبعض ان يتقمص شكل الملتزم ولكن في الحقيقة هو لا يمد للدين بأي صلة وهذا سبب من اسباب صناعة الارهاب ، فالشكل مُلتزم والمضمون لا دين له !
والعكس صحيح فالبعض لم يخرج له لحية ولكنه ملتزم التزامًا كاملًا بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية ولكنهم لا يرونه ملتزمًا لان ليس لهُ لحية مع ان هذا الشيء ليس لهُ يدًا فيه !
والبعض من الملتزمين وانا اصنفهم تحت مسمى الالتزام الكامل بالشكل والمضمون فهنيئًا لهم هذا الالتزام ، ولكن الالتزام الحقيقي يبدأ من الداخل وبدقه من القلب أي ان المضمون يليه الشكل وليس الشكل ثم المضمون او الشكل بدون مضمون !

-         انت "ملتزم" ولست انسان !
هناك نظرة في المجتمع من البعض تقول بلسانها : ان الملتزم ليس انسانًا يُخطئ ويُصيب بل شخص مثالي لا يجب ان نرى منه أي تصرف خاطئ او عادة سلبية ! صحيح ان الملتزم يفترص به ان يكون له من صفته نصيب ، فالمفترض ان يكون الالتزام اهم ما يميزه ، ولكن في البداية والنهاية هو انسان مثل باقي شرائح وطبقات المجتمع يخطئ ويصيب ، يذكر وينسى ، يُذنب ويتوب ، يُعلم ويتعلم !
وليس ملاكًا او رسولًا او معصومًا عن الخطاء والذنب !
والدليل قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - :
(  كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون )
ولو كان الله جل وعلا قد خلق الإنسان كاملاً لا يخطئ لما كان لكل فرد من بني آدم حظه من الخطأ.. فهذا فيه دليل على أن الإنسان أي إنسان لا يسلم من الذنب.

-         اشباه الملتزمين !
في الحقبة الاخيرة, ظهر مفهوم الإرهاب في قاموس الجنس البشري !
وليس بالشيء الغريب ظهور هذا المفهوم في حياتنا ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – قال : " ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) " وكان ذلك قبل خروج ما يسُمى بالإرهاب والخوارج !
 " ويمكننا اختصار تعريف الإرهاب كالتالي:
الإرهاب هو أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لا تُجيزها القوانين المحلية أو الدولية.
وانطلاقاً من التعريف أعلاه يمكننا التوسع في مفهوم الإرهاب من خلال التعرف على أنواعه الرئيسية، والأشكال التي يتخذها في كل منها،
١- الإرهاب الفردي:
وهو فعل يرتكبه الفرد لأسباب عديدة .
٢- الإرهاب الجماعي الغير المنظم:
تقوم به عصابات غير منظمة لتحقيق مآرب خاصة .
٣- الإرهاب الجماعي المنظم:
وهو الإرهاب الذي تمارسه جماعات منظمة تمولها وتشرف عليها مؤسسات أو هيئات أو دول معلنة أو غير معلنة، سعياً لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو مذهبية .
٤- الإرهاب الدولي:
وهو الإرهاب الذي تمارسه دولة واحدة أو أكثر عن طريق تسخير إمكانياتها الدبلوماسية أو العسكرية لتحقيق هدف سياسي، أو الاستيلاء على مكتسبات أو ثروات غيرها من الدول . "
وكما قيل ويُقال " الإرهاب لا دينَ له ! "
فلماذا في وقتنا الحالي نرى من ينسبهُ للإسلام !.. الإسلام هو دين المحبة ، دين السلام ، دين التسامح والتعايش ، دين التطور والحضارة !
ام لأن قطيعًا من الجهلة بقيادة جاهلٍ مجهول للبعض، قاموا بتسيس افعالهم الرجعية ونسبها للإسلام والمسلمين !
المتطرفين لا يمدّون للملتزمين قطعًا ! ، فالمتلزم الذي يتبع هدّي الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعيد كُل البعُد عن التطرف والغلو والرجعية !
لا بدّ لنا من مسلمين قبل غيرنا ان نفهم ما يدور حول الإسلام وحولنا ، لكي نوضح الصورة لكل من يجهلها .. للأسف ان البعض اصبح يخلط الحابل بالنابل والصالح بالفاسد والدواء بالداء ، هو اقرب للتخبط والضياع ..!
بعض هؤلاء اصبحوا ادواتٍ بعلمهم او بدون للمخطط المدروس جيدًا ، لتشويه صورة الإسلام والمسلمين والملتزمين خاصةً !
ربما في الوقت الحالي اصبح البعض يربط التطرف والغلو برجال الدين والملتزمين ، ولكن فيما بعد ربما يرى البعض ان التطرف والغلو يجسده لحية او ثوبٌ قصير او مسواك !
مع انّ جميع ما ذُكر هي سنن عن الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ! لفت انتباهي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر تغريدة للشيخ عادل الكلباني، يصف فيها ما انا مُتخوفٌ منه في المستقبل ! فقال " غدًا ستدخل اللحية ، الثوب القصير ، المسواك ، الحجاب ، النصح ، كل مظاهر السنة ضمن الاتهام بالداعشية !
وستذكرون ما أقول لكم " ..
يجب على المجتمع الوعي بحقيقة ما يحدث من تشويه للصورة الإسلام، ومواجهة هذا التشوية القذر بما يُناسبة !
هناك فرق شاسع بين المتطرف والملتزم وإن تشابه الشكل الخارجي، لا يوُجد شبه بين الاثنان في المضمون البته .
الإبهام ليس كالسبابة !
في النهاية ، اصابع يدك لم تُخلق متساوية، كذلك هم البشر لم يخلقوا مثل بعضهم تمامًا ! ، هم الملتزمون ايضًا ليسوا طبقَ بعض وليس جميعهم يطبق ما جاء في القُرآن الكريم والسنة النبوية .. فلا نحكم على الكل بواحد، و لا نربط الواحد بالكل .. ما يجب ان نعرفه ان لكل منّا ملتزم يجب اطلاقة ولكن بالطريقة الصحيحة اتباعًا لما أُنزل في القرآن الكريم، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - .


تعليقات

المشاركات الشائعة