#لو_كنت_وزيرا_للاسكان_ماذا_تفعل

يجول في خاطري ما يُقارب السنتان ، موضوع يمسني ويمس المواطن ذا الدخل المتوسط والمحدود في المقام الاول..
ويمس في المقام الثاني الدولة والشكل الحضاري والمعيشي للفرد والمجتمع !
سأحاول تبسيط الصورة..
لو ان سائحًا اتى ليتجول في مدينة الرياض و مرَ بالصدفة احد مناطق البناء والتشيّد السكني..
سيتفاجئ بكمية ( الفشل ) المُسيطرة على هذه الوحدات السكنية.. بداية من التصميم الخارجي، مرورًا بالداخلي، وانتهاءً بجودة البناء !
طبعًا هذا السائح ليس بثاقب النظر، او مهندسًا معماريًا، او تاجرًا في سوق العقار ..
ولكن المنظر يُفسر نفسه حتى للطفل.. منازل اشك انها بُنيت بمقاييس بشرية !
ربمّا كانت صالحة للحيوانات، وبعضها لا تصلح حتى للكائنات الحيّة بتاتًا.. ربمّا وجدت مهجورة لكي يسكنها الجن!
انا لا ابالغ في وصفي هذا، فكلما مررّت على واحدة من هذه المنازل اشعر وبدون مبالغة انها " جحر ضب " !
العجيب ان اسعر هذا ( الجحر ) يتعدى المليون ريال سعودي او اقل بمئة او مئتين، والمواطن الذي وجد نفسه محاصرًا بين ضغوطات الآجار ولهيب ناره، وبين هذه المقابر التي تزيدُ الهم همًا !
في مواجهة نيران الآجار ومستحقاته السنوية، يطّر هذا المواطن (المظلوم) لأخذ قرض بناءًا على راتبه الذي لا يتعدى العشرَ الاف غالبًا ، ليجد في محفظته مليون ريال تنقص او تزيد بعض الشيء، و قصد شهري يتاروح من الثلاثة آلاف إلى ما فوق !
وللأسف الشديد -جدًا- ان هذا القرض لم يُستخدم بطريقة صحيحة، فالظروف وضيق الوقت جعلتاهُ يستعجل في شراء ( جُحر ) لا يتسع حتى لطموحاته واحلامه التي بناها، لا يكفي حتى لدخول سيارته للكراج لأنه لا يوجد كراج اصلًا، ولا ان يُنشئ حديقة صغيرة تُغطي بجمالها البسيط قُبح التصميم وضيق المكان..
وهذا التسرع سيدفعه في المستقبل لـ ندم شديد ، فكيف له ان يحمل على ظهره قرض لعشرين سنة او اكثر واقصاد لا تنتهي !
المُحزن ليس القرض، المُحزن انه لم يشتري منزلًا بهذا القرض بل اشترى جُحرًا لا يزيد من رصيدة ولا من راحته.. 
كنتُ اتمنى ان الموضوع وقف على التخطيط والتصميم.. بل إنشاءات المنزل نفسها في خبرٍ كان !
فربمّآ في يومٍ من الايام يقع هذا المنزل فوق رأس هذا المواطن (المظلوم) ويُفقده حياته وحياة عائلته، فياكم سمعنا عن منازلٍ -هشة- سقطت على اصاحبها.. ومع ذلك يلوذ المجرم بالفرار ولا حسيب ولا رقيب !
يا اسفتاه يا هذا المواطن.. كم اشفق عليك وعلى وقتك ومالك وحياتك التي تدور حول إمتلاك منزل يُلبي ولو نصف احتياجاتك ويُساعدك في عيش حياة كريمة بين مُجتمع يتهم للتفاصيل الخارجية.. منزل جميل، سيارة فارهه، اجهزة حديثة، ماراكات !

انا لا اهاجم المستثمرين.. اهاجم من يندرج تحت مسمى " مُطور عقاري " وهو مُدمر عقاري !
فكل ما يمُد للتطوير بشكل دمره ببناء هذه الوحدات التي لا تُمد للتطوير بأي صلة.. بل تمد للفشل المعماري والتصميم التقليدي والساذج جدًا..
انا ايضًا لستُ ضد التجارة.. ولكن هذا لا يعني ان يأتي احد السادة الفُضلاء ممن يسمون انفسهم " رجال اعمال " ويشتري ارض تبلغ مساحتها ٨٠٠ متر ويبني عليها اربع وحدات سكنية وربمّا اكثر ويطلق عليها بعد إنتهائها مسمى ( فلل ) وماهو اوقح ايضًا انه يكتب بالخط العريض " فلل للبيع " وما يتعدى الوقاحة انه يبيع الواحدة بلميون وفي بعض الاحياء بمليون ونصف والبعض بأكثر !
نعم اخي؟ هل يوُجد في رأسك عقل تُفكر فيه؟ اشك في ذلك حقيقةً !
بالله عليك.. لو انك حقًا تملك عقل تُفكر فيه، وقلبًا تشعر بهِ اسكن في واحدة من هذه الجحار التي اطلقت عليها مسمى ( فلل ) !!
اجزم انك لن تستطيع قطعًا.. وانت تسكن في منزل يعادل اضعاف المساحة الاجمالية لمشروعك الفاشل..
يا عزيزي إن كان ذوقكَ معدومًا او لا تستطيع توفير مقاول ممتاز يُنجز العمل بإحترافية وفي وقت معقول كنصف سنة على الاقل جدًا وليس في شهر او شهرين.. ارجوك لا تظلم مساحة الارض التي اشتريتها فالأرض تشكي ممن هم على شاكلتك ولن تحتمل هذا القدر من المنازل -الجحار- التي تُشابه بعضها حتى في ردائة البناء والتصميم والجودة "نسخ ولصق بالضبط" !
الجميع يعرف معنى كلمة تجارة، ولكن بهذه الطريقة البشعة تُستخدم التجارة كمسمى فقط.. فالبناء التجاري طغى على كل ما هو معروض في السوق العقاري.. لذلك لجاء البعض منهم لكلمة " بناء شخصي " لتسويق قبره الذي ينتظر من يسكنه فالغبار بدأ يكشف الوجهه الحقيقي للبناء التجاري!
اشفقُ على المواطن ذا الدخل المتوسط والمحدود، كما اني والله اشفقُ على تلك المساحات التي أستغلت بأبشع الصور ببناء تلك المقابر والجحار التي تعيدنا لـ مئات القرون وراءًا.. والمشكلة أنهم لا زالوا يطلقون عليها مسمى ( منازل ) او ( فلل ) و الباب الخارجي ملاصق للباب الداخلي.. حيث انها كالشقة لا يوُجد فناء اصًلا، فمسطحات البناء طغت على المساحة الاجمالية، جُدران ملاصقة لبعضها بطريقة مقززه جدًا جدًا اطلق عليها مُسمى ( ملحجة ) !
غير التصميم التقليدي والغبي بشكل لا يوُصف.. لا اعلم من الذي قال لهم انهُ تصميم اصلًا..
الا يخجلون على انفسهم عند بنائهم مثل هذه المنازل (المقابر)، الم يقل لهم احد بأننا وصلنا للقرن الحادي والعشرون !!!
ارجوكم ارتقوا قليلًا !

سأختم المقالة بوسم اشعلوه المغردين في موقع التواصل تويتر يعرضون فيه اهم مطالبهم لوزارة السكن بإطلاقهم هشتاق
#لو_كنت_وزيرا_للاسكان_ماذا_تفعل
وانا اقول اني كتبت هذه المقالة لأن الـ ١٤٠ حرف لا تكفيني، ومع هذه المقالة ايضًا لا اشعر اني اكتفيت بوصف رؤيتي لحالة العقار في وطني..
لذلك سأكتب تغريدتي التي تتجاوز الـ ١٤٠ حرف هُنا !
١ - سأفرض شروط ومعايير لبناء الوحدات السكنية، كالمساحة وجودة البناء ومراعاة التصميم الحضاري الذي يُقدم صورة جيدة وحضارية للمملكة..
٢ - عند مخالفة تلك الشروط من احد التجار، يجب ان يُتخذ معه إحدى ٣ إجراءات :
* إما ان يسكن المنزل بنفسه.. اي انهُ منزلة والتصميم يتناسب مع ذوقه واختيارة.. وهذه حُرية شخصية له الحق في البناء بأي شكل من الاشكال والسكن فيما بناه !
* او ان يُهدم هذا المنزل خلال فترة وجيزة لا تتدعى الشهر، لكي لا نظلم مساحة الارض التي استغلت بهذه الطريقة البشعة !
* او إن كان هُناك مجال لتعديل المخالفة ، فيجب تعديلها قبل عرضها للبيع !
٣ - الإشراف على جودة البناء حين إنتهائها، وعدم المُبالغة في الاسعار المُستحقة لنفس المنزل !

وعند النهاية.. 
انا اعلم ان مشاكل وزارة الاسكان مع المواطنين لا تقتصر على ما ذكرته في هذه المقالة، ولكن ما ذُكر هُنا هو واحد من اهم المطالب بالنسبة لي التي يجب على الوزارة الإلتفات لها قبل ان نرى النتائج الكارثية مع مرور السنوات لهذه المنازل بحتة البناء وتجارية الموضون.

تعليقات

المشاركات الشائعة