الأمطار تفتح ملفات الفساد !
المطر : دلالة من دلالات الخير والرزق..
المطر : رحمة وحياة..
المطر شكل من اشكال الفرح والاستبشار..
فالله سُبحانة وتعالى قال في مُحكم كتابة :
" الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء
ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فاذا اصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون
وإن كانوا من قبل ان ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر الى اثار رحمت الله كيف يحيي
الارض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير"
[ الروم ]
وقال سُبحانة وتعالى :
" هو الذي يريكم اياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من
ينيب "
[ غافر ]
وقال جلا وعلا :
" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد
"
[ الشورى ]
ومثلمّا ان للمطر جانب خّير، هُناك جانب آخر قد اهلك الله فيه من عصاه
واشرك به..
فالمطر خير ورزق.. ولكن لا ننسى انه قد اهلك اقوامًا قبلنا بما فعلوا
من محرمات، واقترفوا من ذنوب.. بإذن الله وتدبيره !
فالله سبُحانة وتعالى قال في محكم كتابة :
" هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ( 12 ) ويسبح
الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله
وهو شديد المحال ( 13 ) "
[ الرعد ]
وقولة عز وجل :
" وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين "
[ النمل ]
وقولة سُبحانة وتعالى :
" فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما
استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم "
[ الاحقاف ]
وكان ذلك قول قوم عاد، عندمّا رأوا السُحب الثلاث المُقبلة.. وقالو :
( هذا عارض ممطرنا )
فقال الله عزل وجل : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) !
واليوم هذه النعمة التي هي المطر.. اصبحت نقمة ليست للكفّار والمُشركين
فقط -كما عهدنا في الاقوام السابقة-..
بل حتى المُسلمين، المؤمنين، الراكعين، والساجدين.. ايضًا في الجانب الآخر
الظالمين، السارقين، المُفسدين، والكاذبين !
فالجانب الاول يخاف من افعال الجانب الاخر… والجانب الاخر يخاف من ردت
الجانب الاول !
والمُتضرر للأسف هُم الاثنان، ولكن بالتأكيد الضرر الاكبر يقع على الجانب
الاول -غالبًا-..
بمعنى :
ان الكاذب الذي سرق بفسادة وظلم العباد.. يخشى من نزول المطر لكشف الحقيقة
الغائبة..
حينمّا ينهمر المطر.. تصبح هذه الحقيقة وما يتبعها من نقم حاضرة، كما
ان المطر في مجتمعاتنا اصبح مُحققًا يكشف لنا فساد المسؤولين، الذي لم تكشفه لنا الايام
المُشمسة او الباردة.. ولم يكشفه احدًا فينا او ربمّا اكُتشف من قبل احدنا ولكنه قُوبل
بالتستر والسكوت ( والساكت عن الحق شيطانٌ اخرس ) ،
يا سادة.. المطر اليوم يفتح ملفات الفساد، ويُشعل نيران المحاسبة.. امام
كل مسؤل عن ما يحدث من خراب وسوء إدارة وجودة الإنشاءات !
هل يصح للمواطن -العربي- ان يفرح بقدوم المطر؟ فهو من جهة يُريده.. ومن
الجهة الاخرى يخاف على ممتلكاته وتوقف اعمالة اليومية بسبب ان -الشوارع- احولت لمستنقعات
تجمع اخطر الامراض والأوبئة !!
او بسبب ان الطُرق متوقفه بسبب المياة المتجمعة..!
بل ان البعض يخاف للأسف من فقد حياته عند نزول المطر.. فهو يعلم كمية
الفساد الذي ربمّا يدفع الماء لدخول منزلة.. او غراق طفلة وهو يذهب للمدرسة.. او زوجته
وهي في طريقها للعمل.. !
يا سادة ما يحدث ليس قدرًا محتوما!! فنحن او -بالاصح- المسوؤلون بإستطاعتهم
صنع الحلول التي اهملوها..
فمن يقول : انهُ مكتوب ، نعم يا عزيزي مكتوُب ولكن يجب الاخذ بالأسباب،
فالتوكل على اولًا ثم الاخذ بالاساب… ثم يأتي بعدها الرضا بالقدر -المحتوم-
!
وليس أن تكون الشوارع رديئة البناء والتخطيط، وان تكون مخارج السيول قليلة،
وان تكون البُنية التحتية شبه معدومة !
مليارات تُصرف لتغطية مشاريع البُنية التحتية، وتصريف السيول.. ومع هذا
معاناة المواطن العربي في كل عام تزداد.. مشاريع تُبنى على الورق واموال تُصرف في الفراغ
والاعذار والوعود في كل سنة تتجدد.. ولا شيء يحدث سوى زيادة الفساد !
فهاهم إخواني في الاردن يواجهون ازمة (مطرية) بسبب سوء ورداءة مشاريع
تصريف المياه، المياة تتجمع في كل مكان البيوت، الشوارع، الازقه كل مكان.. ومع هذا
نقول مُقدر لا يوُجد فساد !!
اخواني في العراق.. هجمت عليهم الامراض الوبائية بسبب تجمع مياه الامطار
و مياة الصرف الصحي ( بسبب سوء ورداءة البنية التحتية ).. وفي النهاية تُعلن المنضمات
ان مرض الكوليرا بدأ بالانتشار في العراق… وانا اجزم ان الوباء الحقيقي هو الفساد الذي
يسكن كل مسؤول تهاون في اداء عمله بصدق وامانه !
اخواني في مصر " الاسكندرية " تحديدًا.. اتأسف والله على حالكم
من غرق في الشوارع والعمائر والسيارات.. وما هو اهم غرق الانفس !
ما ذكرته للتو حدث قبل بضعت اسابيع وايام.. وانا إلى الان لم انسى ما
حدث في السعودية عام ٢٠٠٩ و ٢٠١١ م في جدة تحديدًا غرب المملكة العربية السعودية..
لن انسى الفساد الذي اودى بحياة العشرات، وفقد المئات.. والكثير الكثير
من الخسائر المادية !
ولن انسى ايضًا الموقف المشرف من سيدي صاحب السمو الملكي الامير / نايف
بن عبدالعزيز آل سعود - رحمة الله - الذي امر بتكوين لجنة للتحقيق ومحاسبة المُفسدين..
وتكفلة بمشاريع الحلول الدائمة للسيول والامطار بمنطقة جدة.. فرحمك الله يا امير التواضع
والعز واسكنك فسيح جناته..
وعودة لملف الفساد.. اشكر الله اولًا والامطار ثانيًا لكتفلها بفضح (
المُفسدين ) بشكل واضح وصريح لم يفعله اي مُحقق او محامي !
ولكي لا نعود للملف.. يجب من الانظمة العربية ان تعيد حساباتها الشخصية
مع المواطن، والمالية مع المشاريع وجودتها..
يجب وضع القوانين الصارمة التي تضع لكل مُفسد حد و -نهاية- ، وأتخاذ اشد
الإجراءات مع كل متهاون في عمله !
يجب إرساء اهم معايير السلامة واجودها، ومراقبة المشاريع اولًا بأول..
لكي لا يكشف المطر لنا رادءة ما كُنا نسمع عن جودته.
...
المقالة في صحيفة العرب نيوز :
تعليقات
إرسال تعليق