بين الحرمان والثواب " هنيئًا لكم " !
محرومون هم من آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم وأقربائهم وأصدقائهم، ولكنهم في المقابل يؤجرون من الله - سبحانه وتعالى - بالثواب العظيم لصبرهم وجهادهم وعملهم الشاق، نعم إنهم رجال الأمن أعانهم الله ووفقهم في خدمة الدين والمليك والوطن، فعندما ذهبتُ لأداء مناسك العمرة في بيت الله الحرام رأيتُ جُهدًا مبذولا من رجال أمننا في الحفاظ على أمن الحرم المكي من كل عابث ومزعج والحفاظ على هدوء المكان وقدسيته، والإرشاد والتوجيه منذ لحظة الدخول وحتى الخروج، تجدهم في كل مكان يبحثون عن سائل ليهدوهُ جوابًا مفصلًا، وينتظرون أيضا مُحتاجًا ليُبادروا بمساعدته والأخذ بيده، واقفون بشموخ طيلت الوقت أعينهم بالكاد يرتد طرفها، لا يعرفون الراحة إلا عند أداء عملهم الرائع والدؤوب، ومع هذا كله هم أيضا يبتسمون، ربما يتهمني البعض بالمبالغة ولكن هذا ما رأيته حقًا، فعندما مُنعت من إدخال آلة التصوير"الكاميرا" ذهبت لرجل أمن لكي أسئله فقلت له: هل حقًا آلات التصوير ممنوعة، وإذا كان جوابك بنعم فلماذا؟ فقال لي مبتسمًا: لا أعلم لماذا ولكن إن كنتَ تريد التصوير ولم يُسمح لك فلن أردكَ خائبًا، فصورني أنا وصديقي.. ونادى صديقه الذي كان مشغولًا مع المعتمرين، فصورتهُم وجعلتهم يرونَ صورهم ويخبروني بجودة الصورة، شكروني وشكرتهم كان أسلوبهم بسيط جدا وجميل وعفوي، كنتُ سعيدًا جدًا لأن أبناء وطني هم من يساعدون ويخدمون زوار بيوت الله سبحانه وتعالى وبهذه الأخلاق العالية، كذلك هم الجنود الذين على الحدود يحرسون مملكتنا من كل معتدي، والله يحرسهم من كل خائن وعابث، فهم هناك مرابطون ونحن هنا نائمون بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضلهم، هم هناك يحملون الأسلحة ضد كل من يمثل تهديدا لوطننا، هم هناك دروع صلبة ضد كل عدو، اللهم احفظ جنودنا المرابطين على الثغور، اللهم قوِّ عزائمهم وسدد سهامهم، واكبت أعداءهم، وانصرهم على القوم الباغين يارب العالمين، اللهم اقبل مَنْ قُتلَ منهم في الشهداء واشفِ مريضهم يا سميع الدعاء.
اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وفكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا.
اللهم من أراد بلادنا أو أراد بلاد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم فاكشف سره، واهتك ستره وأبطل مكره، واكفنا شره واجعله عبرةً يارب العالمين.
رسالة لكل من فقد ابنه، لكل من فقدت زوجها، لكل من فقدَ والده، لكل من فقد اخاه وصديقه في سبيل الله: لا تحزن ولا تحزني إنهم احياء عند الله يرزقون لقول الله - سبحانه وتعالى -: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، " - سورة آل عمران - فالله جلَّ وعلا يُخبرنا بأن الشهداء وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار، هم شهداء في سبيل الله، في سبيل الحفاظ على أمن هذا الوطن وعلى أمن الحرمين الشريفين، شهادتهم هي المعنى الحقيقي للفخر والاعتزاز والسعادة، لا تحزنوا لأن رحيلهم لم يكن أي رحيل، بل كان ذا بصمة مميزة لا تُنسى !
رحم الله شُهداءنا وتقبلهم في من عنده من الشهداء الأبرار.
...
تعليقات
إرسال تعليق