مادة عربي ام.. شيء آخر؟ - IAS301



وبعد الخروج من قاعة مادة اللغة الانجليزية، اتوجه للقاعة القامعة بجانبها: "مادة العربي"، التي هي في الحقيقة آخر مواد العربي في خطتي الدراسية.
ادخل القاعة ككل يوم لاجدها مقسمة إلى اربع مجموعات، مما اثار معظم تساؤلاتي عن حاجتنا لهكذا نظام تعليمي، وعن مدى فاعليته! لأن تلك المجموعات، في واقع الامر، لم تعلمني سوى شيئًا واحدًا، أن الجماعة ليست هي من تقربها حدود مكانية، وليست تلك التي يجمعها اسم واحد او رقم مميز، او تلك التي يجتمع اعضائها في مجموعة "واتس آب" بائسة، إن مفهوم الجماعة شيءٌ يفوق كل تلك المواصفات عُمقًا، وهذا ما لم اشعر به مما جعلني في الحقيقة اعاود التساؤل مرة آخرى عن حقيقة تلك المجموعات الاربعة وهل يمكن أن يكون للقاعات الا تعاونية شعور بالانتماء افضل، غير الانتماء للجهاز النقال طبعًا، او دفتر الرسم.

المهم هنا، هو أني اتوجه لمجموعتي الثانية، لحظة دخولي القاعة، في انتظار فقرة التحضير، وسماع اسم والدي يُنطق بشكل خاطئ كل يوم في انتظار احدهم ليصححه، لما لم احاول انا؟ لا اعلم اشعر بأن الامر لا يعنيني في المقام الاول، خصوصًا وأني على اي حال اشعر بكينونتي لحظة نطقهم اسمي الاول، وهذا يكفي.. لكأني الوحيد في هذا الكوكب المسمى بمشاري :)
بعد ذلك تبدأ فعاليات تلك المادة، فكل مجموعة تشرح للاخرى، تداخلات صوتيه من هُنا وهُناك، تفاوت في الاداء فهناك من يأخذ الموضوع على محمل الجد، وهُناك من يأخذه على محمل الهزل، وأنا في الحقيقة ما بين الاثنين اتدحرج. ما إن ينتهي وقت المحاضرة حتى اهم بالخروج، ليس خارج القاعة فقط، بل المبنى كله. وعند هذهِ النقطة انسى كل ما يتعلق بهذه المادة حتى اليوم التالي، او ما قبل الاختبارات! اه، الاختبارات، هُنا تكمن المشكلة، فلحظة محاولتي في فهم هذهِ المادة، وسبب وجودها، انسى موضوع الاختبار، واتسائل، لماذا ندرس هذه المادة اساسًا؟ مالذي قد يُستفاد منه، من كل تلك الثرثرة التي لا طائل منها، الحشو، والمط في اسطر الكتاب لا يعني لي شيئًا، انا على الاقل، كم ندمت، وندمت، كوّن المادة عربية ولم اتلذذ العربية فيها، أين ذهبت دروس النحو -التي عهدناها في مادة العربي الاول-، اين الصرف، والادب، قصائد احمد شوقي، ورسائل عدنان كنفاني إلى ليلى السمان، اين هؤلاء؟ ألهذه الدرجة كان من الصعب إسقائنا من كأس اللغة المليء؟ وحشو هذه المادة والتي قبلها بمعلومات لا تزيد اهمية، ولا متعة عن اللغة العربية التي لم ارى منها سوى التكلف في بعض النصوص، والكثير من التساؤلات حوّل المقررات الدراسية التي نُقدت حتى من بعض اعضاء القسم.

إني في كل مرة ارى هذه الكوارث بين صفحات الكتاب، اجزم أني بعد الاختبار سأذهب لزيارة الدكتور في مكتبة لطرح هذه القضية، إلا أنه كالعادة تنطفئ شعلتي في ظل معتركات آخرى، اه الدكتور! شخص لطيف جدًا، لا مثيل له، ارى في نظراته الكثير من الحوادث، لكأن تجاربه تقفز مباشرة من عيناه لتحدثنا عن تفاصيلها، إني اتذّكر اللحظة الاخيرة من لقاءنا، حينما كنت خارجًا من قاعة الاختبار النهائي لأجده امامي مصادفةً ببتسامة عريضة، يتسائل: هل كان اختبارك جيدًا؟ لابتسم واخبره بأنه كذلك.. راح وهو يبقي ابتسامته تلك على وجهه لكأن اجابتي كانت احد اسبابها. شكرًا د. عبدالله لهذا اللطف منك، كل ذاك الكم من الود، والحب.. شكرًا!

تعليقات

المشاركات الشائعة